Skip to main content

آدم وحواء


دائما ما يكون الحب صعبا في إيجاده. حتى عندما خلق الله ادم، جعله وحيدا لفترة محددة ثم خلق له حواء من ضلعه رغم أن
باستطاعة الله خلقهما  في آن واحد. لكن ربما كان يجب على ادم الانتظار والشعور بالوحدة حتى يستطيع تقدير حواء.
 بعد أن طُردا من الجنة فحطّا على الأرض، لم ينزلا في مكان واحد، بل كان عليهما البحث عن بعضهما البعض،  وعلى كل طرف منهما قطع نصف المسافة للوصول للطرف الأخر لأجل ما يتطلبه الحب الصادق من فعل وعمل. لكن هل من الممكن أن يقطع كل طرف منهما نصفه، وعند نقطة الالتقاء يحصل شيء غير متوقع فلا يلتقيان؟

ماذا لو كان لأدم أم ترفض تزويجه من العربية حواء؟ أو ماذا لو كان لحواء أب يرفض تزويجها من ادم الأعجمي؟عندها ماذا عليهما أن يفعلا؟ وكيف لهما أن يلتقيا رغم  معارضة الأهل؟ وهل كل حواء كحواء العربية؟ وهل كل ادم مثل ادم الذي قطعت حواء نصف المسافة لملاقاته؟
ربما تكون أسئلتي مبهمة إلى الآن، لكن هناك ما جعلني أفكر بهذا، فمنذ مدة كنت قد اجتمعت على الغداء مع مجموعة مميزة من الأصدقاء وكأي اجتماع يُعقد لأول مرة يقوم الناس بتبادل قصصهم،  فذلك رجل مسيحي يدعى جورج متزوج ولديه طفل، قرر الدخول في الإسلام، وساندته زوجته بذلك القرار،  لكن عائلته بالطبع مانعت هذا القرار ورفضت التحدث معه.  وهو اليوم لا يزورهم منذ 
أن اسلم، رغم أنه ما يزال يسكن في المنزل الذي أعطاه إياه والده عند زواجه،  فهذا يعد تقليدا عند بعض العائلات الأردنية وإن كانت قصة جورج عادية ومتوقعة،  فقصة (مايك) الذي دخل في الإسلام عن رغبة، والذي واجه معارضة الأهل ومقاطعتهم له، تُعد مختلفة،  إذ أن تلك ليست مشكلته الوحيدة،  فعندما أراد أن يكّون عائلته الخاصة، لم تقبل أي عائلة بتزويجه!! فالمسيحيون لا 
يزوجون بناتهم لمسلمين، والمسلمون  يرفضونه لأنه كان في الأصل مسيحيا ولاحتمال آخر، يكمن في أنه قد يرجع يوما إلى دينه القديم، متجاهلين أن الدين الإسلامي عندما جاء لم يمنع أحدا من الدخول فيه ولم يرفض فكرة تزويج بناتنا من أي شخص كان قد أسلم حديثا،  حتى أنه في زمن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان هناك رجلٌ يريد الزواج من أُم سليم وهو ابو طلحة، فطلبت 
مهرها إسلامه، ولم يرفض الرسول -صلى الله عليه وسلم- إسلامه كونه أسلم من أجل امرأة، فما بالكم بشخص أسلم عن اقتناع تام.
أما محمد فهو أمريكي دخل في الإسلام منذ ثمانية أعوام وجاء إلى الأردن لأنه يريد حياة بين مسلمين في مجتمع يتسم بتلك الصفات الإسلامية راغبا في تكوين عائلة عمادها امرأة عربية مسلمة،يربي أبناءه في كنفها وفق جوها الإسلامي.  لكنه تفاجئ أن
لا أحد يقبل تزويجه كونه أمريكي، متجاهلين أيضا أن الدين الإسلامي لم يفرق بين عربي وغير عربي إن كان كلاهما مسلما، وأن المعيار الوحيد للأفضلية هو التقوى (لا فرق بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى)،فلا ننسى في هذا المقام من الكلام أن هناك كثيرا من القادة المسلمين غير العرب مثل سلمان الفارسي كانوا قد تزوجوا من عربيات، حتى أن المصطفى  -صلى الله عليه وسلم- كان 
قد قال فيه : سلمان منا آل البيت.
وهنا تأتي المفارقة، إذ أن مايك ومحمد كلاهما مسلمان حديثان وكلاهما يواجهان مشكلة بالزواج، لكن مايك رغم أنه عربي، نجد الجميع يرجعون  سبب هذا الإشكال إلى اسلامه الحديث والذي هو ليس بمحل ثقة تزويجه ابنتهم.  أما محمد ولكونه ليس عربيا نجد الجميع يرفض تزويجه متذرعين بهذا السبب، وكلاهما مايك ومحمد قد اضطرا إلى اللجوء إلى طريقة أخرى وهي التعرف على الفتاة قبل  خطبتها متأملين أن ذلك قد يحدث فرقاً، إلا أنه حتى وإن  قبلت الفتاة بذلك ووافقت،  فأهلها يرفضون ذلك بشدة، وبالطبع قد يعدّونها  جنت إذ أنها تريد التخلي عن بعض العادات والتقاليد،   

  متجاهلين التقاليد الإسلامية. ويبقى السؤال، هل السبب الحقيقي لرفض محمد هو أنه أمريكي؟ وإن كان كذلك فلماذا ما يزال مايك يعاني من رفض تزويجه رغم أنه عربي! وهكذا،  لم أستطع أن أجد  أصل الرفض لدى هذه العائلات العربية المسلمة والتي لا تمانع زواج أبنائها الذكور من أمريكية غير مسلمة، بل تمانع زواج بناتها من أمريكي مسلم! أو حتى من عربي لم يحظ بأن يكون 
مسلما مذ بداية عمره فدخل الإسلام بعد أن تقدم به العمر، فكيف نريد نشر الدين الإسلامي- وهو أمر واجب علينا كمسلمين إن كنا نرفض أن يكون هؤلاء المسلمون الجدد  جزءاً من حياتنا وعائلاتنا!  وكيف نتوقع من البلاد غير الإسلامية أن تحترم ديننا وتجعلنا نمارس شعائرنا الدينية في بلدهم إن كنا نحن أنفسنا نرفض دخول المسلمين المماثلين لنا بالدين ،فقط لمجرد اختلافهم عنا 
بالجنسية أو لأنهم لم يولدوا مسلمين -    
عند حديثي مع البعض حول ذلك، كان ردهم على قصة محمد أنه يستطيع الزواج من أمريكية مسلمة. لم أتفاجئ من هذا الرد، لكن ألا يعني  أننا كعرب مازلنا نرفض دخول المسلمين غير العرب في  حياتنا؟ أليس ذاك كأن نقول لغير العرب : نحن نود ان تدخلوا في الإسلام، ولكن جدوا لأنفسكم فتاة من بلدكم تقبل اسلامكم، لأننا وأن دخلتم في ديننا، فلن نزوجكم!! ولعل هذا قد يفهم بصورة أننا لا نأبه إن زاد عدد المسلمين أو قل في هذا العالم، ومن وجهة نظري، فإني أرجع ذلك إلى ضعف إيماننا وقصوره.
أما التعليق أو الرد الآخر على قصة محمد، فقد كان: "إنه  أمريكي أي أنه من الأعداء،  كيف يتوقع منا أن نزوجه"! وهنا تكمن المفارقة: أمريكا ليست من الأعداء إن كنا سنعمل ونعيش هناك؟ أمريكا ليست من الأعداء إن كنا سنتوجه إليها بقصد السياحة فنربحها أموالنا؟ أمريكا ليست من الأعداء في حال شراء كل بضائعها وتحسين اقتصادها؟ أمريكا ليست من الأعداء عندما نحاول
مرارا وتكرارا أخذ جنسيتها ؟ أمريكا ليست من الأعداء عندما نوافق لأبنائنا الزواج من أمريكية غير مسلمة؟ ولكن أمريكا من الأعداء حال نريد ضم أمريكي مسلم لعائلتنا والتعامل معهم وفق التسامح الديني وأن المسلمين أخوة على اختلاف لونهم وألسنتهم؟ 
!إن كنا نستطيع قول كل ذلك وأكثر للمسلمين غير العرب فماذا سنخبر العرب الذين دخلوا في الإسلام حديثا؟ سنخبرهم أنه رغم أنكم عرباً ورغم أن عائلاتكم تخلت عنكم من  أجل اسلامكم، ورغم أنكم تحملتم كثيرا حتى توصلتم لقناعة واضحة حول صحة هذا الدين، 
إلا أننا مازلنا نشك بمصداقية هذا الدين لديكم!!!! 
أي قدوة يحاول رجال هذا الجيل رسمها لأطفالهم وبناتهم؟ وأي تسامح في الدين الإسلامي نتحدث عنه إن كنا لا نستطيع  أن نتسامح مع من ولد غير مسلم -بذنب ليس ذنبه- ونقبله  بيننا وكأنه منا؟ عادة  تُطبق الآن بالضبط  وإن  كان كل ما يحدث  الآن وكل ما يقال في هذا المضمار لا يمت إلى الدين بصلة؟ فلو كان كل ذلك صحيحا لما كانت الهجرة  إلى الحبشة -رغم أن أهلها ليسوا عربا- أولى الهجرات الإسلامية.
لا أدري إن كان هذا الموضوع يحظى باهتمام القراء، ولا ادري إن كان لدى أي أحد ردود مقنعة على ما ذكرت، ولا أدري أيضاً إن كنت قادرة على تغييرهذا الواقع المرير القائم على العنصرية العربية الدينية، الذي لا يحتضن العرب الداخلين إلى الإسلام حديثا لا سيما  المسلمين غير العرب، ولكنني أعلم أنني كعربية مسلمة أطمح إلى تقدم المسلمين ورفعتهم، أعلم أن محدودية الوعي  
العربي قد استفزتني في هذا المجال، فلا  توجد آية كريمة، ولم يرد  أي حديث نبوي، يرفض أو يحرم زواج بناتنا العربيات ممن أسلموا حديثا أو من مسلمين غير عرب، وبالتالي وجدت أن هذا الموضوع يستحق الذكر، والوقوف على ملامحه ومعالمه 
.

بقلم هناء احجول

  

Comments

  1. الموضوع مهم جدا, قد يبدو للبعض غير مهم ,لكن طبيعتنا كبشر , عندما لا نواجه المشكله بأنفسنا لا نقدّر عمقها و تأثيرها الحقيقي على صاحبها


    مع ان ديننا الحنيف يدعو الى اختلاط القبائل و تعارفهم حتى بالانساب

    ReplyDelete
  2. صباح الخير هنا

    الموضوع مهم وطريقتك بالصياغه رائعه وتجذب للقراءه الى آخر حرف
    وبصراحه استغرب ان لا اجد الا تعليقاً واحداً لغاية هذه اللحظه التي أكتب فيها الآن على موضوع فعلا يستحق ان نكتب رأينا حوله وان نعود لانفسنا لنفكر...لماذا لا نطبق عملياً ما ندّعي أننا نؤمن به؟؟؟
    اليس الايمان؟ما وقر في القلب وعملت به الجوارح؟

    ReplyDelete
  3. مساء الخير نيسان
    أولا شكرا كتييييييييييييييييييير على رأيك
    أما بالنسبة ليه ما حدا بحب يعلق على هيك موضوع أو أصلا م بحبو يحكو بهيك مواضيع لأنو مثل ما قالت ويسبر لما ما بواجه الأنسان القصه بنفسه أو لأحد قريب منو ما بيعتبر الموضوع مهم

    وبالنسبة لكتير ناس وخصوصا بموضوع الزواج الدين شي والتقاليد والعادات شي تاني وهاد السبب اللي للأسف بخلي أغلب الناس للي عم يدخلوا بالأسلام من عرب و غير عرب يواجهوا مشكلة عدم الزواج

    ويسبر شكرا كتير لتعليقك ونعم الدين بحبذ على إختلاط الأنساب والقبائل (وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفو إنن أكرمكم عند الله أتقاكم)
    وكلمة شعوب جاءت قبل قبائل لكن من يقتنع عند التطبيق

    ReplyDelete

Post a Comment

Popular posts from this blog

ابن العم بنزل بنت العم عن الفرس

ابن العم بنزل بنت العم عن الفرس منذ زمن طويل وهذا المثل منتشر بين العرب ويرددونه بأستمرار ويطبقونه وكنت أعتقدت أن مثل هذه الأمور قد توقفت مع إنتشار العلم في مجتمعنا إلا أنه منذ مدة ليست بالقصيرة تقدم عريس لخطبة إحدى صديقاتي وكان مناسبا وأعجبها فأتفقوا وحددوا موعدا لقراءة الفاتحة إلا أنه قبل موعد قراءة الفاتحة بيوم جاء أبن عمها وقال بأنه يريدها فقام الأب المتعلم برفض العريس وتزويجها أبن عمها! وهي الفتاه المتعلمه الحاصلة على شهادة الماجستيرلم تتلفظ بأي كلمة ولم تعترض على هذه الطريقة الرجعية في التفكير! دهشت من تصرفهم لكنني أخبرت نفسي أنه ربما لايزال هناك 1% في المجتمع من هؤلاء الناس لكن بعد ذلك سمعت إحدى الفتيات وهي تقول أن في عائلتهم تقليد هو أنه إذا جاء أحد لخطبتها يجب على والدها أن يتصل بالعائلة الكريمة لا لأخذ رأيهم بالعريس بل لسؤالهم أن كان هناك أحد من أبنائهم يريد الزواج بأبنته قبل أن يزوجوها لغريب! وكأن من الخطأ تزويجها لغريب! وهكذا توالت القصص على مسمعي مما جعلني أفكر كيف لمثل عادة كانت موجودة بين العرب ربما من الجاهلية تستمر وتبقى تطبق إلى الان رغم تقدم العالم وإنتشار ال

العنف ضد المرأة ، إلى متى؟؟

كشفت الدراسات الأخيرة أن 60% من النساء في العالم العربي يتعرضن للعنف الجسدي أو المعنوي إن لم يكن كلاهما, و يبقى السؤال أو الأسئلة  ,  إلى متى سيبقى الأمر مجرد إحصائيات و دراسات حول مدى العنف الموجه للمرأة؟ إلى متى ستبقى القوانين بعيدة عن سن قوانين  حقيقية و مفعلة   ضد كل ذكر يتعرض لزوجته أو أبنته أو أي امرأة بالعنف ؟ إلى متى ستستمر النساء بالصمت على هذا العنف؟ و متى سنتخلص من الموروث الثقافي الرجعي الذي يتيح للرجل ضرب زوجته و إبنته  ؟   و يأمر المرأة بالصبر و التحمل؟! أولا على النساء معرفة أن العنف  هو كل فعل أو قول يقوم به الرجل إتجاهها يولد إذيتها الجسدية أو النفسية أو حتى إحتمالية إذيتها بمعنى إذا قام الرجل بإلقاء شئ  – كرسي أو غيره- على المرأة بقصد أذيتها فأن ذلك عنف و إن لم يصبها هذا الشئ ,  و يجب على المرأة إدراك أنها إنسانة و أن من حقها أن تحظى بالإحترام و التمتع بالكرامة  و إن كل ما في الموروث الثقاف ي العربي من  إعتقاد ب أن الرجل يحق له ضرب  و  تأديب الأنثى إن صدر منها  أمر لا يعجبه هو موروث ثقافي خاطئ و متخلف و يجب التخلص منه  , لذلك يجب علينا رفضه من جذوره و إن  كان ضد أفكار

التسامح و أثره على جمالك و طاقتك

التسامح و أثره على جمالك و طاقتك الخيانة, العنف و الكذب و غيرها من الأمور التي قد تكوني آُذيتِ منها مسبقا و يصعب عليك مسامحة الطرف المتسبب بأذيتك أو تنظرين للموضوع على أنهُ لا يستحق المسامحة إلا أنهُ من المهم معرفة أثر التسامح عليكِ حتى يصبح ممكناً و سهلا. 1.       التسامح يفيد القلب أكدت دراسة نُشرت في جريدة behavior medicine أن التسامح مرتبط بضغط الدم و عضلة القلب و التخلص من التوتر و بالتالي مسامحة من إذاك مفيد لقلبك وصحتك و طاقتك الإيجابية. 2.     عدم التسامح يولد طاقات سلبية كما الطاقات السلبية المتولدة من الحديث سلبي سيئة لمزاجك كذلك الطاقات السلبية من عدم المسامحة مضره لمزاجك و إيجابيتك كما أن هذا النوع من الطاقة السلبية يؤدي إلى اضطرابات النوم. 3.     التسامح يؤثر بالنفس كعمل خيري تطوعي في دراسة نُشرت في مجلة "الشخصية و علم النفس" أكدت أن الطاقة الإيجابية المتولدة من مسامحة من أذاك قوية مثل الطاقة الإيجابية من الأعمال الخيرية. 4.     التسامح يحسن علاقتك الزوجية عندما تشعرين بالغضب لأن أحدهم أذاكِ فأن ذلك الغضب ينعكس على تصرفاتك م